0
و ما زال البعض منهم يهتم بالفتة و الكلمة و الحركة مهما صغرت أو كبرت... لِمَ لا يكبرون العقول عن تلك الصغائر التي يعتبرونها جل حياتهم ؟ هل تحييهم فعلا كما يظنون ؟ و هل هي منهم للآخرين بمثابة المنقذ كما يتوهمون ؟
بالطبع لا .....
أحتار كثيرا بشأن السبب الذي جعلهم يؤمنون و يوقنون بذلك.
إن الواثق بنفسه المكتفي بمعية الله لا ينتظر من أحدهم كلمات الشكر أو نظرات اﻹعجاب و الانبهار ...
لا أنكر أن النفس البشرية تواقة إلى الثناء و التشجيع و اﻹشادة بعض الشيء .... لكن السوي لا يسمح لنفسه أن تعيش على تلك المحفزات الخارجية التي تخضع لمزج و رؤى اﻵخرين أو قد تخضع أحيانا كثيرة للمصالح الشخصية ... إني لا أراه استعبادا .
إن السوي بمعنى الكلمة هو من يمنح لنفسه تلك المحفزات التي تعينه على الاستمرار و عدم التوقف للتطلع إلى اﻷعين و الابتسامات و سماع بعض الكلمات.... إنه يوفر بذلك وقتا كبيرا و وقتا أكبر إذا كانت ردود اﻷفعال على غير ما يبغي أو يتوقع .
لا يتوقف لسماع رأي حتى لو تيقن أنه لصالحه... فقد يكون ذلك الرأي من ضمن تلك اﻵراء التي لا تلبث أن تتغير تبعا ﻷهواء أو مصالح أو غير ذلك مما لا يستحق أن يتكون بسببه رأيا يقيم أهميته .
أتعجب كثيرا لهؤلاء الذين يتذمرون و يعكرون صفو أيامهم و من حولهم ﻷن أحدهم لم يلقِ له بالا لما قابله قدرا ، و كيف لم يرحب به كما يجب أن يكون ؟!!! أو أن أحدهم اكتفى بابتسامة متواضعة عندما أطلق تلك النكتة المكررة ... أو ﻷنه لم يوصِ عبر الهاتف بإبلاغ السلام الحار له ...... أعلم أنه من الذوق أن نفعل ، لكن من الجنون أن نغضب ممن لم يفعل أو أن يؤدي ذلك إلى خصام أو قطيعة رحم ، و ترقب لما يفعله ذلك الشخص ليرد إليه ما سبق أن أعطاه من تجاهل أو معاملة سيئة أو ضرب من ضروب إهمال .
الغريب بحق أن ذلك الشخص الذي يرضى لنفسه العبودية لردود اﻷفعال و التي من جرّائها يتغير ما بداخله تجاه اﻵخرين هو لا يبادر أصلا بالعطاء ... هو أول من يتفوه بكلمات يحمل مكنونها إحباطا للآخرين .... ينتظر ما يريد ثم يعطي بالمثل و ربما أعطى اﻷسوأ إذا لم يحصل على مراده الذي طالما انتظره و اغترَّ به إذا كان كما يريد .
تعلمت أن الاهتمام مفتاح القلوب و لطالما قدرت ذلك المعنى حق التقدير و بذلت ما بوسعي ﻷحصل على ذلك المفتاح .. و شاء القدر أن تعلمني أيام معنى ذلك الاهتمام المزيف الذي يحمل في طياته أغراضا و مصالح شخصية .
ليس كل من يظهر الاهتمام هو مهتم فعلا و ليس له مصلحة شخصية يخفيها وراء اهتمامه ... كما أنه ليس كل من لا يظهر الاهتمام غير مهتم ، فربما أخفى الاهتمام ليثبت لنفسه صدق نواياه .
و شتان الفرق بين كليهما ... فاﻷول أراد أن يؤكد نواياه لجميع من حوله ليحصل على ما طمع في الحصول عليه .
أما الثاني فقد ترفع عن كل ذلك و لم يُرِدْ أن يؤكد صدق نواياه إلا لنفسه و نحَّى آخرين جانبا ﻷنهم ليسوا المقصودين بل إن رضا الله هو مطلبه و مسعاه ....
نسأل الله اﻹخلاص .

بقلم طاهر سلت
  


السابق
رسالة أحدث
السابق
موضوع أحدث.

إرسال تعليق Blogger

 
Top